الأحد، 21 ديسمبر 2008

منتظر الزيدي - أسلوب حياة

هموم إيجابية ، وأخرى سلبية ! تحملها الأنفس التي لا تتشابه ، فمن نفس تحمل هم الإسلام والمسلمين ، إلى نفس أنغمست في الدنيا ونسيت رسالتها . ومع كثرة الهموم يكون الانتظار لليوم الذي ينزاح فيه الهم ويزول ، وقد يطول حمل الهم أيام وسنوات ، وقد تكون طوال الحياة التي يعيشها الإنسان. ولكن انتظار ساعة تنفيس هذا الهم يترقبه الكل ، ومن ضمن هؤلاء منتظر الزيدي ، الذي ظل يحمل هم وطنه ، ولقد طال انتظاره حتى كان اليوم المرتقب الذي نفس فيه (( منتظر )) الغيظ الذي حمله ، وكان في وجه رمز الاحتلال . ولعل الكثير من العرب يحمل هذا الغيظ الجاثم على صدروهم ، فإن لم تلسعه حمى الإحتلال ، إلا أنه يعيش معنى الجسد الواحد الذي يتحتم عليه مشاركة إخوانه ؛ الأحياء منهم والشهداء . فكم من مخلص يَسْعد ببطولات صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويذب عنهم كل الألسنة التي تحاول النيل منهم ، أو التقليل من شأنهم . ولا أعتقد أن ما قام به (( منتظر الزيدي )) غريباً ، مع غرابة السلاح الذي استعمله - الحذاء - الذي كان فعالاً بالنسبة لمنتظر ، فكم من سلاح تخضب بالصدأ والتحجر والعطب من عدم الإستعمال ، مع أن دواعيها حاضرة . لا يزال الخير حاضراً في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فحذاء منتظر برهن ذلك ، من خلال تعاطف المسلمين معه . فكيف إذا كان البرهان سلاح آخر .

الاثنين، 17 نوفمبر 2008

التناغم مع الطبيعة

مر بخاطري أن المناظر الجميلة الخلابة تريح الأعصاب وتدفق الحيوية في النفس المثقلة بهموم الحياة . لذلك فكرت أن أقترب قليلاً من النافذة التي تقع في اقصى الممر ، في المستشفى الأمريكي في دبي ، لعل عيني تقع على منظر تأنس به نفسي ، كانت النافذة كبيرة جداً ولم تكسوها أية ستائر ، فنظرت عبرها فرأيت المباني الشاهقة الارتفاع ، والشوارع المرصوفة باتقان عجيب ، وكانت الشوارع نظيفة جداً حتى أنك لا تعثر على ورقة تهدهدها الرياح فتطير من مكانها ، ومركبات واقفة بجانب الرصيف المخصص لمواقف السيارات ، تنظيم مثالي لمدينة عصرية . لكن النفس لا تبحث عن هذا التنظيم بل تهفو لمشاهدة الأشجار الخضراء ، والعصافير تحط على أغصانها ، وتحن لرؤية البحر الواسع المائل للزرقة ليكون تاريخ الأجداد حاضراً أمام أعيننا ، وتتوق لرؤية جبال رأس الخيمة الشاهقة والراسية بعمق بين أشجار الغاف التي تحتمل عطش السنين الطوال . كل هذه المناظر تدعونا لكي نتواصل معها ونحاكيها لتفرز لنا فناً من الأدب العريق الذي فقدناه بفقداننا لأصحابها الذين كانوا يكتبون بإخلاص النخلة الثابتة ، التي تعطي من تمرها الغذاء الكامل الغني الذي يغني عن سواه . لقد ملت الأنفس هذه الجدر الأسمنتية التي تحبسنا عن الطبيعة الخلابة ، لهذا قست قلوبنا وقست معها مشاعرنا ، وغدت شحيحة في تدفقها للعواطف المتبادلة . فلعلنا ننطلق إلى هذا الكون الفسيح الثري بمعانيه الخلابة ، حتى لو كانت صحراء قاحلة فهي تعطي النفس إشراقة جذابة ولسان صادق .

الجمعة، 14 نوفمبر 2008

لغة الزهور

عند عودتي للمنزل لمحت زهور جميلة تفوح برائحتها الزكية ، وقد وضعت بالقرب من باب الصالة ، أخذت أتأملها فانشرح صدري ودب فيّ النشاط بعد أن كنت منهكاً من العمل .
وهكذا ظلت هذه الزهور تأثر فيّ لمدة أربعة ايام ، فمرت فترة من الزمن لم ألقي لها بالاً عند ولوجي وخروجي ، فتذكرتها يوماً وأسرعت لألقي نظرة عليها فإذا هي ذابلة ، وتكاد تجف وتيبس .
سبحان الله لقد خلقت هذه الزهور لنقطفها ونقدمها في مناسبات الفرح ، حتى أن بعض ألوان الورود لها دلالة نفسية وأثر على الإنسان ولكن ما أن خطفت من موطنها حتى غدت حزينة وبالغت في الحزن حتى كان نهايتها المحتومة .
الجمال قيمة كبيرة ، ومن خلالها يعطي الفرد كل ما لديه ، ويبدع في عمله ويعتبر حافز له ليتقدم للأمام . ولعل للجمال دلالات كثيرة ، منها جمال الروح ، وجمال الأخلاق ، ولعل البغض بعيد عن هذه الجمالات ولا توجد في قاموس حياتها ، فنراه قد اهتم بهندامه ومظهره الخارجي ، ونسى أن يجمل كلماته ومعاملته مع الآخرين .
لغة جميلة هي لغة الزهور
ولا نشعر بهذا الجمال إلا في موطنها الأصلي والزهرة متشبثة بالأرض ، تخرس جذورها عميقة بعيدة عن السطح .
عنده فقط ترتاح العيون ، وترتاح النفس ، ونستنشق عبق الطبيعة .

الأحد، 2 نوفمبر 2008

غرباء

تتفاوت درجات الإنسان من ناحية الغنى والفاقة ، فالأرزاق كما هو معلوم بيد الله سبحانه وتعالى ، وعلى العاقل ألا يعارض ، ولا يتضجر من تفاوت هذه المستويات ، وأن يكون قنوعاً مع عدم ترك العمل ، والركون إلى الدعة والاتكال .
ومع هذا التفاوت الذي لا يتدخل الإنسان في صنعه ، نلحظ نظرة المجتمع الدونية إلى هذه الطبقة ، وعدم احترام كينونتها، وعدم الالتفات إليها ، وبناء سياج حولها للحيلولة من مخالطتها ، لذا يحتاج أحدهم إلى الف شفاعة لكي ينجز عمل بسيط أو يحصل على حقه الشرعي.
مما عدهم البعض من الغرباء في أوطانهم ، فنشأت بعد ذلك الطبقات الاجتماعية المختلفة من جراء الظلم الواقع على فئة يعينها .
فخرجت من تحت الركام بعض الصفات التي سترت منذ القدم عندما كان المجتمع يتكون من طبقتين اجتماعيتين الحاكم والشعب ، فما لبثت خرجت عند أول محك وتجربة وهو دليل على غياب السطلة التشريعة التي تستنبط أوامرها ونهيها من الشريعة الإسلامية .
إن العدالة الاجتماعية تقتضي المساواة في المعاملة والعطايا وتوزيع الأدوار .
وسلاح التربية يقضي على براثن الجاهلية العالقة على جدار الحضارة الحديثة ، والتربية التي أقصدها هي تلك الصافية المنبعثة من ينابيع الأخلاق المحمدية والتي تسير بإسناد وخبرات وتجارب إنسان العصر الحديث.

السبت، 25 أكتوبر 2008

الهدوء الايجابي

الإنسان الهادئ يعد من القلة الذين تكون قراراته صائبة ، لأنه يبتعد عن التشنج ، ويكون كظمه للغيظ عن دراية وتجربة فلا يحمل في نفسه أية ضغينة أو غضب ، مما يستطيع من خلال هذا السلوك السيطرة على انفعالاته وتوجيهها التوجيه السليم. الكثير منا خاض تجارب انفعالية كان سببها الرئيس الاستعجال ، مما جعل عاقبة هذه التجربة وخيمة وفي غير مصلحته ، وهنا لا نقصد من الهدوء ترك الحقوق والتنازل عنها ، ولكن التنازل يكون في المواقف التي نقدر أن ضررها أكبر من نفعها ، وأنها تؤدي بالتأكيد إلى خسارة بعض المكتسبات الشخصية لذاتنا . إن بعض المواقف هي نتيجة سلوكيات تربى عليها الآخرون وغدت طبع في شخيصتهم ، وطريقة العلاج لا تكون بأسلوب الند بالند ، لقد تطور العالم من حولنا ، ولعل هذا التطور جعل الإنسان يتجه إلى الأمور المادية والتعلق بها ، وأهمل العاطفة ولم يعيرها أي اهتمام ، وأصبحت الأنانية صفة لاصقة بذات الشباب ، والكبر الممقوت قلل من احترامهم وتقديرهم للغير. كما يقولون علينا الحكم على سلوك الإنسان لا شخصيته ، فلا يوجد أحد يقبل الهجوم على شخصيته والتقليل منها . إن بعض السلوكيات نتيجة حتمية للمحيط الذي يعيشه الإنسان ، فالغنى الفاحش يجعل صاحبه يترفع عن الطبقات الدنيا وخاصة إذا كان هذا الغني لم يتشرب من معين الدين . والخلاصة أن الاستعجال في اتخاذ القرارات والحكم على البعض يجب أن يلجم بالسلوك الهدوئي الذي يسيطر على الموقف ولو مؤقتاً.

الاثنين، 20 أكتوبر 2008

الوقت هو الحياة

لعل أكثر ما يندم عليه الإنسان تضييعه للوقت ، الذي إن مر فإنه لا يعود ، ويعد التعويض في هذا المجال من الأمور الصعب تحقيقها ، لأنه أحياناً يكون للوقت خصوصية ومناسبة لا تتكرر إلا نادراً . قال الله تعالى في سورة يونس :(( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ..)) فمن خلال حركة الشمس نعلم الساعات ومن خلال القمر نحسب الشهور ، فكل هذه التيسيرات من الله لنقوم بواجبنا نحو أنفسنا والآخرين ، ونرسم لحياتنا طريق المجد والعزة ، ونستشعر معنى العمل والسعي الدؤوب . لعل الذي جعلنا مستقرين في ذيل الأمم هو تقاعسنا في استغلال أوقاتنا حق استغلال ، وتهميش الساعات ، وعدم التخطيط لحياتنا ، والعيش كما يحلو لنا من غير اكتراث بمعنى النجاح والإنجاز . مع أن نواميس الحياة كلها ، ومعاملاتنا الشرعية السماوية تدلنا على اتباع النهج الصحيح والطريق السليم الذي يقودنا نحو القمة والمكوث فيها . فالصلوات الخمس ، والصيام لها أوقات معينة لا نتقدمها دقيقة ولا نتأخر عنها . إنها الايجابية ومعرفة الحياة على حقيقتها ، ومعرفة ذواتنا التي تخلينا عنها ، وتركنا شهواتنا هي التي تقودنا ، فكانت النتيجة هي التي نعيشها وننغمس في أوحالها . لا بد من وقفة مع النفس ، حتى لا نفقد أكثر مما أضعناه ، وأن نترك الماضي ونتطلع للمستقبل ، ونبدأ مع ذواتنا ونحاول أن نرتقي بها بجميع جوانبها العلمية والعملية . ودمتم أخواني مستبشرين بالتألق والنجاح وتحقيق هدف المسلم في الحياة ، ولا تنسوا أخوانكم في مشارق الأرض ومغاربها ، والدال على الخير كفاعله

الثلاثاء، 2 سبتمبر 2008

أبحث عن لغتك

كتب الأستاذ كريم معتوق مقالة ذكر فيها أن العرب أكثر الناس قراءة ، ودلل على ذلك أن العربي يشاهد في الشهر الواحد 4 أفلام أجنبية مترجمة باللغة العربية ، حيث اعتبر قراءة الترجمة من ضمن القراءات وكذلك صفحات الرياضة ..... ولعلنا نقف عند جملة الأكثر قراءة ، فهل بعض القراءات تعتبر من الثقافة ، وتغيّر من الشخصية العربية وتجعلها شخصية متطورة وذات ثقافة واسعة ، لا أعتقد أن هذه القراءات يمكن أن نطلق عليها قراءة ، فلو كان شعبنا يستفيد مما يقرأ لما وجدناهم يبحثون عن الأعمال التي تفتقر إلى الكتابة والقراءة كالعمل بالشرطة والجيش وغيرها من الأعمال مع أهمية هذه الأعمال .
أن الذي يركز في علم يبدع فيه ، والقارئ العربي عليه أن يبحث أولاً في كتب الأدب التي تزيد من مخزونه المعرفي وخاصة العربية عبر مصطلحاتها ومترادفاتها الكثيرة ، والبحث يكون عن الأفضل والأقوى ككتب الفطاحل الذين غذو الكتب برواياتهم وتعليقاتهم وترجماتهم والتي عندما يقرأها القارئ يستشعر عظمة اللغة والتعبير.
الكثير منا يضيع أوقاته فيما لا طائل منه ، ولعلنا لو قمنا بتنظيم أوقاتنا لأخذنا من كل زهرة ، ولعلت أنفسنا عن البحث في تلاطم الأمواج عن سفينة الروح .
فهي موجودة وقريبة ولكن تحتاج إلى أعين حاذقة

السبت، 9 أغسطس 2008

رحيل الظلام

كعادته عصر كل يوم يأخذه الحنين إلى شاطئ البحر القريب من بيته ، يجلس يمحلق في الأمواج تارة وتارة إلى شعاع الشمس وهي تودعه وكأنها تسحب من روحه جزءا . جلس على صخرة قريب الكورنيش ، وراودته فكرة أن يكون له أبناء ؛ لكم أتمنى أن يكون لي ولد ذكر وسأسميه سعدون أحب هذا الأسم كثيراً فلقد كان زميلي في الدراسه يحمل هذا الاسم ، وسأعوّده على القراءة المستمرة لكي يمتلك قوة في التعبير كالرافعي والمنفلوطي ويكون لديه إحساس جبران ، فلن يضيّع وقته في البحث عن كتبهم فمكتبتي غزيرة بها ، ولكن هل سيجد من يقرأ له ، أرى العالم العربي - كما يسمى - يبتعد رويدا رويداً عن العربية ، هل سيترجم أعماله إلى الإنجليزية أو الفرنسية أو الصينية فلقد غزت هي الأخرى العالم ، آه من شدة حبي للأدب العربي لم أتعلم اللغات الأخرى فاكتفيت بالتراجم . لا أدري أين يذهب شبابنا ، فعيني لا تبصر أحداً منهم على هذا الشاطئ ، لقد انشغلوا بأشياء أخرى تدخل في نفوسهم البهجة والمرح ، فمن سيشعر باللذة التي أشعر بها إذا لم يتجمل ببعض القراءات الأدبية التي لها مفعول السحر في النفس، صدق نبينا الكريم : (إن من البيان لسحرا) . آه يا سعدون ستأتي في وقت لن تجد فيه متسعاً للقراءة ، فالتعليم أصبح كاهل كبير على نفوس الطلاب ، حتى أنهم لا يجدون فسحة لكي يخلو بأنفسهم ، أريدك يا سعدون أن تكون مطيعاً لوالدتك ، والدتك ! لقد تذكرت لم اختارها حتى الآن فلازلت عازباً . هكذا هي أفكاره غير متسلسلة ، والبعض يظن أن به هلوسة ، وبعضهم يقول أصابه مس من الجن ، أما جدته نورية فلها رأي آخر ؛ تقول إنه العين التي أصاب حفيدي وليس سواها . أما هو فيرى من حوله غرباء ، يلهثون خلف المادة ، ويسارعون لكل جديد ظناً منهم أنه هو النافع ، وأنه هو التطور . لم يشعر بالوقت فلقد رحل كل شيء وجاوره الظلام ، ولا زال يجلس وعينه منصوبة إلى مكان الغروب .