الخميس، 3 سبتمبر 2009

الأدب ليس اكتساباً

أشياء كثيرة هي التي يمكن أن نكتسبها بالتجربة والتدريب ، إلا الأدب فهي كلمة صعبة على الكثير ، ولا يجيدها الغالبية ؛ فهي موهبة ومنحة من الله ، وهذه الموهبة يمكن بعد ذلك صقلها بالقراءة الكثيرة ، فهناك من الكتاب من يقرأ الكتاب تلو الكتاب على اختلاف أنواعها من روايات وقصص وأشعار ، ولا تكون هذه القراءات كفيلة لتصنع منه أديباً له طريقة تميزه عن الآخرين .
ولقد قرأت جملة أعجبتني ، وهي أن أستاذ الإنشاء في المدرسة يطلب منا أن نكتب موضوع الإنشاء ويحدد العنوان ، ولكنه لا يعلمنا كيف نكتب ونعبر ، لأمها ملكة قد لا يجيدها الاستاذ نفسه .
كثيراً ما نقرأ الروايات والقصص ، ولكن جميعها لا تدخل قلوبنا ، ولا تلامس مشاعرنا ، ولكن هناك من أن تقرأ لهم تشعر بحالة من الكيّف إذا جاز لي تسميتها ، وحالة من الغياب عن الوجود والهروب منه .
لذا نجد بعض القراء وهنا أتحدث عن الأدب مرهفي الإحساس ، ويشعر بمصاب الآخرين ، ويحن عليهم .
فعلى كل من يجد في نفسه هذا الحس في الكتابة أن يسعى لتنميتها ، وتطويرها ، لأن القراء محتاجون لهذا النوع من الأدباء .

الأحد، 5 أبريل 2009

قيد الأفكار

أحَب أن يقدم لأمته عملاً يفتخر به ، ولكنه ظل يردد هذه الفكرة في مخيلته ولم يصل حتى الآن لمرحلة التنفيذ ، أعتقد فترة أنه لا يملك المقومات التي تؤهله لخوض هذا الغمار ، فكلما وجد ناجحاً ظل يفكر أنه أفضل منه ولا يستطيع أن يجاريه فيما قدمه ، وهكذا خيب ظنه بنفسه ، بمجرد أن قارن نفسه بالآخرين ، وظل المشروع مجرد فكرة ضلت طريقها في غياهب الأفكار الشريدة ، فلم يقيدها كما فعل ابن القيم في كتابه صيد الخاطر ليخرجها عملاً يفتخر به ، ويستفيد منه الآخرون . لعله أعتقد أن لا يملك المقومات الأساسية للنجاح ، وهذا ما جعله يتقاعس، والنفس أحياناً لأنها أعتادت الكسل والدعة ، تقف بجانب الشيطان في بث الوسوسة التي تحبط الفرد وتجعله يتردد في تنفيذ ما خطط له . تقيد الأفكار هي المرحلة الأولى ، وهي وضع القدم الأولى في الطريق الصحيح ، فعندما يباشر بهذا الفعل يجد الأمور تسير على هوى ما خطط ، فيحصل النجاح تلو النجاح . لا نستطيع أن نحكم على أعمالنا بأنها فاشلة ، ولكن علينا أن نقدمها ليحكم الآخرين عليها ، وإن كان ولا بد فلنعرضها على أصحاب الاختصاص ومن لهم باع طويل في نفس المجال ، ثم نعرضها بحلتها الجديدة .

الجمعة، 20 مارس 2009

الذكرى

أحياناً كثيرة أتبادل الأفكار والخواطر مع صديقي العزيز سعد محمد طلبة ، عبر رسائل إلكترونية ، ولقد كتبت هذه الخاطرة في إحدى المرات تلك ، فأحببت أن أنشرها ، فكانت هذه الخاطرة ، وعنونتها بــ (( ذكرى ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يمضي العمر ، بكل تجلياته السعيدة منها والحزينة ، وتظل الذكرى تصارع النسيان ، فكلما كانت عميقة التأثير ، قاومت كل العوامل التي تحاول طمسها ، الذكرى كشمس ساطعة تنشر ضوئها عبر الأفق وتتعدى الحد الزمني لآفاق شاسعة ترسل خيوطها لتنسج الجمال المقترن بالسعادة ولا يخلق هذا النسيج لمتانة خيوطها و قد تغيب الصورة أحياناً ، ويظل دفئها محاطاً بنا ، يغمرنا ويحفزنا على المسير والانطلاق من جديد ، إنه الحب بكل أنواعه يأتي بلغة واحدة تجيدها كل المخلوقات إنها أجمل ذكرى تنسج خيوطها حول القلوب الصافية ، ولا تشبه في تركيبتها خيوط العنكبوت لأن بيته أهون البيوت ، ولأنها نسجت لشهوة الصيد والصراع من أجل البقاء ولم تنسج للقيمة العظيمة ؛ الحب

الأربعاء، 25 فبراير 2009

زيارة لسوق الخضار

تلزمني الحاجة أحياناً لارتياد سوق الخضرة ، ويأخذني فضولي لمشاهدة جميع الأصناف المتواجدة والتي جلبت لهذا المكان ، وعند معاينتي لثمرة ما ، أشعر وكأنها دخيلة على المجال المعيشي الخاص بهذه البقعة ، وكأن أجسادنا تنتفع من شجيرات أديم الأرض المحيط بها ، وترفض ما عداها من أجناس اخرى مهما بدت ألوانها زاهية ، وشكلها مشهي . وفي زاوية أخرى من زوايا السوق يجلس بائع كملك جبى له ثمار هذا الكون بأسره ، من مناطق باردة وأخرى استوائية حارة ، فإذا رغبت في معرفة مصدر إحدى هذه الفواكه لأجابك على الفور دون تردد عن البلدة التي شيعت منها ، مع جهله التام بموقعها . وأنا هنا لا أملك مختبرات لمعرفة ما هو نافع وما هو ضار ، لكنها استنتاجات تعتريها الصحة وأحياناً الخطأ ، فكما تعيش بعض الأشجار في الصحراء مع شدة الحر وندرة الماء في قسوة يظن الظان بأن لا حياة في هذه البقعة ، إلا أنها تتحدى هذه القسوة بأن ترسل جذورها في الأرض بعيدة عن السطح ، فتراها مخضرة طوال الموسم . والإنسان يستفيد من بعض هذه النباتات والأزهار فائدة قد تكون سبباً لمعافاته من بعض العلل والأسقام ، وأخرى يأخذ من ثمرها للتسلية وحظوظ النفس كشجرة السدر، والاستفادة أيضاً من أوراقها للإنسان والماشية . وثمار لا تنبت إلا في الأجواء الباردة والمعتدلة كالزيتون ، ومع فائدتها الجليلة إلى أنها عندما تزرع في الصحراء تمتنع عن تقديم ثمرتها ، فلا طائل من زراعتها . إلا أن العلماء استحدثوا بيوت صناعية تناسب هذه الأشجار ، وغرزوا فيها بعض المواد التي تساعد في نموها ، حتى غدت أكبر من حجمها الطبيعي . فهي سنن الله في الكون بأن جعل التنوع في الثمار مصاحبة لتنوع لحال الجو ، والكثير من الثمار عندما تنبت بشكل طبيعي دون تدخل من يد إنسان تكون أنفع وانقى … والله أعلم

الأربعاء، 21 يناير 2009

العبرة من أحداث غزة

الأحداث التي تمر علينا لا بد وأن ورائها حكمة ، فالله يريد أن يختبر عباده ، ليمحص الناس ويختار منهم القائد الذي يمسك بزمام الأمور ويقود هذه الأمة بتوجيهاته وإرشاداته إلى الطريق الصواب ، والمتلقي الصالح لهذه النواميس . ولعل أحداث غزة الأخيرة (27/12/2008م) عرت الكثير من البشر من حاكم ومحكومين ، فلقد أظهرت ضعف الشعوب العربية ، فمع المسيرات والمظاهرات والاحتجاجات إلا أنها لم تصل إلى درجة التأثير الذي يجمع العرب على كلمة سواء ، إلا أنني أعتبر الفصائل الفلسطينية هي بطلة هذه المرحلة ، مما حققته من انتصار ، وإن نفى العدو ذلك . إلى متى تحركنا العاطفة المؤقتة التي لا تلبث أن تزول بعد الأحداث مباشرة ، ونعود إلى غينا ، وننغمس في غياهب الأحلام النرجسية التي تنسينا حتى الإساءة التي أرسلها العدو لنا . ولقد كشفت هذه الأحداث أن معدن بعض شبابنا يحتاج إلى صقل ، فلقد عمه الصدأ ، فلا بد من بذل الجهد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، والمشكلة الكبيرة أن المفكرين لا يستطيعون إيصال أفكارهم لهذه الفئة كونها لا تقرأ ولا تسمع ولا تشاهد ما هو مفيد . فالحل منوط للوالدين الذين يقع على كاهلهما هذا الجهد ، فالبيت هو الأساس ، ومن خلاله يتخرج الفوج الذي يحمل الإيمان والأخلاق . والعجيب أن الأجانب ( والغير المسلمين ) كان لهم دور إيجابي يفوق دورنا بكثير من المراحل والتأثير تجاه قضيتنا. أكتب هذه الكلمات والحرب توقف مؤقتاً (هدنة) ، ولكن حربنا لا يتوقف مع العدو الصهيوني ، فهو ماض حتى قيام الساعة ؛ كما تحدث عنه القرآن وأحاديث حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم .
إن العبر والحكم وحتى النصر لا تكون جلية لكل إنسان ، فتغيب عن البعض لأنه غير مؤهل لتلقي هذا الخير ، فالله يخص الصفوة بالنصر وتعيشها ، وتشعر بها . نسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل .

الأحد، 21 ديسمبر 2008

منتظر الزيدي - أسلوب حياة

هموم إيجابية ، وأخرى سلبية ! تحملها الأنفس التي لا تتشابه ، فمن نفس تحمل هم الإسلام والمسلمين ، إلى نفس أنغمست في الدنيا ونسيت رسالتها . ومع كثرة الهموم يكون الانتظار لليوم الذي ينزاح فيه الهم ويزول ، وقد يطول حمل الهم أيام وسنوات ، وقد تكون طوال الحياة التي يعيشها الإنسان. ولكن انتظار ساعة تنفيس هذا الهم يترقبه الكل ، ومن ضمن هؤلاء منتظر الزيدي ، الذي ظل يحمل هم وطنه ، ولقد طال انتظاره حتى كان اليوم المرتقب الذي نفس فيه (( منتظر )) الغيظ الذي حمله ، وكان في وجه رمز الاحتلال . ولعل الكثير من العرب يحمل هذا الغيظ الجاثم على صدروهم ، فإن لم تلسعه حمى الإحتلال ، إلا أنه يعيش معنى الجسد الواحد الذي يتحتم عليه مشاركة إخوانه ؛ الأحياء منهم والشهداء . فكم من مخلص يَسْعد ببطولات صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويذب عنهم كل الألسنة التي تحاول النيل منهم ، أو التقليل من شأنهم . ولا أعتقد أن ما قام به (( منتظر الزيدي )) غريباً ، مع غرابة السلاح الذي استعمله - الحذاء - الذي كان فعالاً بالنسبة لمنتظر ، فكم من سلاح تخضب بالصدأ والتحجر والعطب من عدم الإستعمال ، مع أن دواعيها حاضرة . لا يزال الخير حاضراً في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فحذاء منتظر برهن ذلك ، من خلال تعاطف المسلمين معه . فكيف إذا كان البرهان سلاح آخر .

الاثنين، 17 نوفمبر 2008

التناغم مع الطبيعة

مر بخاطري أن المناظر الجميلة الخلابة تريح الأعصاب وتدفق الحيوية في النفس المثقلة بهموم الحياة . لذلك فكرت أن أقترب قليلاً من النافذة التي تقع في اقصى الممر ، في المستشفى الأمريكي في دبي ، لعل عيني تقع على منظر تأنس به نفسي ، كانت النافذة كبيرة جداً ولم تكسوها أية ستائر ، فنظرت عبرها فرأيت المباني الشاهقة الارتفاع ، والشوارع المرصوفة باتقان عجيب ، وكانت الشوارع نظيفة جداً حتى أنك لا تعثر على ورقة تهدهدها الرياح فتطير من مكانها ، ومركبات واقفة بجانب الرصيف المخصص لمواقف السيارات ، تنظيم مثالي لمدينة عصرية . لكن النفس لا تبحث عن هذا التنظيم بل تهفو لمشاهدة الأشجار الخضراء ، والعصافير تحط على أغصانها ، وتحن لرؤية البحر الواسع المائل للزرقة ليكون تاريخ الأجداد حاضراً أمام أعيننا ، وتتوق لرؤية جبال رأس الخيمة الشاهقة والراسية بعمق بين أشجار الغاف التي تحتمل عطش السنين الطوال . كل هذه المناظر تدعونا لكي نتواصل معها ونحاكيها لتفرز لنا فناً من الأدب العريق الذي فقدناه بفقداننا لأصحابها الذين كانوا يكتبون بإخلاص النخلة الثابتة ، التي تعطي من تمرها الغذاء الكامل الغني الذي يغني عن سواه . لقد ملت الأنفس هذه الجدر الأسمنتية التي تحبسنا عن الطبيعة الخلابة ، لهذا قست قلوبنا وقست معها مشاعرنا ، وغدت شحيحة في تدفقها للعواطف المتبادلة . فلعلنا ننطلق إلى هذا الكون الفسيح الثري بمعانيه الخلابة ، حتى لو كانت صحراء قاحلة فهي تعطي النفس إشراقة جذابة ولسان صادق .