السبت، 9 أغسطس 2008

رحيل الظلام

كعادته عصر كل يوم يأخذه الحنين إلى شاطئ البحر القريب من بيته ، يجلس يمحلق في الأمواج تارة وتارة إلى شعاع الشمس وهي تودعه وكأنها تسحب من روحه جزءا . جلس على صخرة قريب الكورنيش ، وراودته فكرة أن يكون له أبناء ؛ لكم أتمنى أن يكون لي ولد ذكر وسأسميه سعدون أحب هذا الأسم كثيراً فلقد كان زميلي في الدراسه يحمل هذا الاسم ، وسأعوّده على القراءة المستمرة لكي يمتلك قوة في التعبير كالرافعي والمنفلوطي ويكون لديه إحساس جبران ، فلن يضيّع وقته في البحث عن كتبهم فمكتبتي غزيرة بها ، ولكن هل سيجد من يقرأ له ، أرى العالم العربي - كما يسمى - يبتعد رويدا رويداً عن العربية ، هل سيترجم أعماله إلى الإنجليزية أو الفرنسية أو الصينية فلقد غزت هي الأخرى العالم ، آه من شدة حبي للأدب العربي لم أتعلم اللغات الأخرى فاكتفيت بالتراجم . لا أدري أين يذهب شبابنا ، فعيني لا تبصر أحداً منهم على هذا الشاطئ ، لقد انشغلوا بأشياء أخرى تدخل في نفوسهم البهجة والمرح ، فمن سيشعر باللذة التي أشعر بها إذا لم يتجمل ببعض القراءات الأدبية التي لها مفعول السحر في النفس، صدق نبينا الكريم : (إن من البيان لسحرا) . آه يا سعدون ستأتي في وقت لن تجد فيه متسعاً للقراءة ، فالتعليم أصبح كاهل كبير على نفوس الطلاب ، حتى أنهم لا يجدون فسحة لكي يخلو بأنفسهم ، أريدك يا سعدون أن تكون مطيعاً لوالدتك ، والدتك ! لقد تذكرت لم اختارها حتى الآن فلازلت عازباً . هكذا هي أفكاره غير متسلسلة ، والبعض يظن أن به هلوسة ، وبعضهم يقول أصابه مس من الجن ، أما جدته نورية فلها رأي آخر ؛ تقول إنه العين التي أصاب حفيدي وليس سواها . أما هو فيرى من حوله غرباء ، يلهثون خلف المادة ، ويسارعون لكل جديد ظناً منهم أنه هو النافع ، وأنه هو التطور . لم يشعر بالوقت فلقد رحل كل شيء وجاوره الظلام ، ولا زال يجلس وعينه منصوبة إلى مكان الغروب .